الإمام الصوفي والفقيه الحنبلي، الذي يوصف بـ "تاج العارفين" و"محيي الدين" و"شيخ الشيوخ". إليه تنتسب الطريقة القادرية الصوفية.
نسب الشيخ
هو أبو صالح السيد محي الدين عبد القادر الجيلاني
ينتهي نسبه إلي الحسن بن علي بن أبي طالب زوج السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. فبينه وبين فاطمة الزهراء أحد عشر أبا. ( التاريخ الكبير، تأليف: الحافظ الذهبي. )
امه أم الخير أمة الجبار فاطمة بنت أبي عبد الله الصومعي وينتهي نسبها الى الامام الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنه
مولد ونشأته
ولد الشيخ عبد القادر الجيلاني في جيلان (تقرأ بالجيم العربية كما تقرأ بالجيم المصرية فيقال لها جيلان أو كيلان) سنة 470 هـ الموافق 1077م[2]، وهي تقع في شمال إيران حالياً على ضفاف بحر قزوين.
وقد نشأ الشيخ عبد القادر في أسرة صالحة، فقد كان والده أبو صالح موسى على جانب كبير من الزهد وكان شعاره مجاهدة النفس وتزكيتها بالأعمال الصالحة ولذا كان لقبه "محب الجهاد". وكانت للشيخ موسى أخت صالحة اسمها عائشة، كان الناس يستسقون بها إذا حبس عنهم المطر، وكان جده عبد الله بن يحى الزاهد من أهل الإرشاد، ودائمًا.
أولاده
كان الشيخ عبد القادر قد أنجب عددا كبيرا من الأولاد، وقد عنى بتربيتهم وتهذيبهم، وتخرجوا على يديه في العلم وكان معظمهم من أكابر الفقهاء والمحدثين، واشتهر منهم ثمانية:
سفره إلى بغداد
كان الشيخ عبد القادر الجيلاني قد نال قسطاً من علوم الشريعة في حداثة سنه على أيدي أفراد من أسرته، ولمتابعة طلبه للعلم رحل إلى بغداد ودخلها سنة 488 هـ الموافق 1095م وعمره ثمانية عشر عاماً[3] في عهد الخليفة العباسي المستظهر بالله أبو العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله أبو القاسم عبد الله العباسي. وبعد أن استقر الشيخ عبد القادر في بغداد انتسب إلى مدرسة الشيخ أبو سعيد المخرمي التي كانت تقع في حارة باب الأزج، في أقصى الشرق من جانب الرصافة، وتسمى الآن محلة باب الشيخ.
جلوسه للوعظ والتدريس
حينما أنس الشيخ أبو سعيد المُخَرِمي من تلميذه عبد القادر غزارة العلم ووفرة الصلاح عقد له مجالس الوعظ في مدرسته بباب الأزج في بداية 521 هـ، فصار يعظ فيها ثلاثة أيام من كل أسبوع، بكرة الأحد وبكرة الجمعة وعشية الثلاثاء. واستطاع الشيخ عبد القادر بالموعظة الحسنة أن يرد كثيراً من الحكام الظالمين عن ظلمهم وأن يرد كثيراً من الضالين عن ضلالتهم، حيث كان الوزراء والأمراء والأعيان يحضرون مجالسه، وكانت عامة الناس أشد تأثراً بوعظه، فقد تاب على يديه أكثر من مائة ألف من قطاع الطرق وأهل الشقاوة، وأسلم على يديه ما يزيد على خمسة الآف من اليهود والنصارى
. وبحسب بعض المؤرخين، فإن الجيلاني قد تأثر بفكر الغزالي حتى أنه ألف كتابه "الغنية" على نمط كتاب "إحياء علوم الدين"
وكان الشيخ عبد القادر يتمتع بشخصية فذة ونفوذ روحي فكان يسيطر على قلوب المستمعين إلى وعظه ويستهوى نفوسهم في التلذذ بحديثه، حتى أنه استغرق مرة في كلامه وهو على كرسي الوعظ فانحلت طية من عمامته وهو لا يدري فألقى الحاضرون عمائهم وطواقيهم تقليداً له وهم لاشعرون.
وبعد أن توفي الشيخ أبي سعيد المبارك المخزومي فوضت مدرسته إلى خليفته الشيخ عبد القادر الجيلاني فجلس فيها للتدريس والفتوى، وكانت شخصيته الفذة وحبه للتعليم وصبره على المتعلمين جعلت طلاب العلم يقبلون على مدرسته إقبالا عظيما حتى ضاقت بهم فأضيف إليها ما جاورها من المنازل والأمكنة ما يزيد على مثلها وبذل الأغنياء أموالهم في عمارتهم وعمل الفقراء فيها بأنفسهم حتى تم بناؤها سنة 528 هـ الموافق 1133م. وصارت منسوبة إليه.
وكان الشيخ عبد القادر عالما متبصرا يتكلم في ثلاثة عشر علماً من علوم اللغة والشريعة، حيث كان الطلاب يقرأون عليه في مدرسته دروسا من التفسير والحديث والمذهب والخلاف والاصول واللغة، وكان يقرأ القرآن بالقراءات وكان يفتي على مذهب الامام الشافعي والامام أحمد بن حنبل.
صفته وشمائله
كان قدس الله سره صادق الفراسة قويَّ العزيمة والإرادة، عالي الهمَّة شديد التأثير بحاله ومقاله، وقد اشتهر عنه أنَّه كان يتكلَّم عن الخواطر ويعبِّر عمَّا أكنَّته السرائر وهذا ضربٌ من علومه اللدنيَّة، وكان يتوب في مجلس وعظه خلقٌ كثيرٌ لما لكلامه من التأثير واشتهر بذلك حتى أنَّ زاويته ضاقت بمن يحضر مجلس وعظه حتى اضطر إلى القراءة بالخلاء خارج بغداد فكان يجيئه الناس على الخيل والبغال والحمير يقفون بمدار المجلس كالسور وقال بعض المؤرخين أنه كان يحضر مجلسه نحوٌ من سبعين ألفاً يستمعون إليه، يسمعُه البعيد كما يسمعُه القريب
عـلــومــه
اشتغل بعلوم اللغة وآدابها على يد الشيخ علي بن يحي بن علي التبريزي حتى صار شاعراً وخطيباً من أفصح أهل عصره وأبلغهم، وأما العلوم الشرعيَّة من فروعٍ وأصولٍ ومعقول ومنقول فقد كان فيها من الطبقة العالية .
اشتغل بعلوم اللغة وآدابها على يد الشيخ علي بن يحي بن علي التبريزي حتى صار شاعراً وخطيباً من أفصح أهل عصره وأبلغهم، وأما العلوم الشرعيَّة من فروعٍ وأصولٍ ومعقول ومنقول فقد كان فيها من الطبقة العالية .
وقد ذكر انه تكلم في ثلاثة عشر علماً
وكان يفتي على مذهبي الشافعي والحنبلي رضي الله عنهما،
وكانت فتواه تعرض على العلماء في بلاد العراق فيُعجبون بها أشدَّ الإعجاب ويقولون: سبحان من أنعم عليه، وكانت له فطنةٌ في حلِّ المشكلات
طريقة التصوف
فأولى الشيخ عناية خاصة لإصلاح التصوف وتوظيفه لأداء دوره الرئيسي في خدمة الإسلام والمسلمين ولقد تمثلت جهوده في هذا الميدان بما يلي :
تنقية التصوف مما طرأ عليه ورده إلى وظيفته الأصلية -
1. الحملة على المتطرفين من الصوفية من الذين تلبسوا بالتصوف أو شوهوا معناه ،
2. التنسيق بين الطرق الصوفية وتوحيد مشايخها : فأخذ الشيخ عبد القادر يعمل على التنسيق بين الطرق الصوفية لتوحيدها في اتجاه واحد لخدمة الإسلام والمسلمين ، وكان من أهم نتائج هذا الاجتماع تكوين اتحاد للطرق الصوفية تحت قيادة واحدة .
3. وحدة العمل لدى الحركة الصوفية عامة ، كان الشيخ أرسلان الدمشقي الذي كان يوجه مريديه قائلاً : شيخنا وشيخكم عبد القادر .
4. الربط بين الفقه والتصوف ويسمون ذلك تكامل الشريعة والطريقة
5. خروج التصوف من عزلته وإسهامه في مواجهة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي .
وتدل الأخبار المتعلقة بالمدرسة القادرية على أنها لعبت دوراً رئيسياً في إعداد جيل المواجهة للخطر الصليـبي في البلاد الشامية ، فقد كانت المدرسة تستقبل أبناء النازحين الذين فروا من وجه الاحتلال الصليـبي ثم تقوم بإعدادهم وإعادتهم إلى مناطق المواجهة الدائرة مع القيادة الزنكية .
وتدل الأخبار المتعلقة بالمدرسة القادرية على أنها لعبت دوراً رئيسياً في إعداد جيل المواجهة للخطر الصليـبي في البلاد الشامية ، فقد كانت المدرسة تستقبل أبناء النازحين الذين فروا من وجه الاحتلال الصليـبي ثم تقوم بإعدادهم وإعادتهم إلى مناطق المواجهة الدائرة مع القيادة الزنكية .
مؤلفات الشيخ
صنف الشيخ عبد القادر الجيلاني مصنفات كثيرة في الأصول والفروع وفي أهل الأحوال والحقائق والتصوف، منها ما هو مطبوع ومنها مخطوط ومنها مصور، منها:
إغاثة العارفين وغاية منى الواصلين.أوراد الجيلاني. آداب السلوك والتوصل إلى منازل السلوك. تحفة المتقين وسبيل العارفين. جلاء الخاطر في الباطن والظاهر. حزب الرجاء والانتهاء. الحزب الكبير. دعاء البسملة. الرسالة الغوثية: موجود منها نسخة في مكتبة الأوقاف ببغداد. رسالة في الأسماء العظيمة للطريق إلى الله. معراج لطيف المعاني. يواقيت الحكم.سر الأسرار في التصوف: وهو كتاب معروف وتوجد نسخة منه في المكتبة القادرية ببغداد وفي مكتبة جامعة إسطنبول. الطريق إلى الله: كتاب عن الخلوة والبيعة والأسماء السبعة. رسائل الشيخ عبد القادر: 15 رسالة بالفارسية يوجد نسخة في مكتبة جامعة إسطنبول. المواهب الرحمانية: ذكره صاحب روضات الجنات. حزب عبد القادر الجيلاني: مخطوط توجد نسخة منه في مكتبة الأوقاف ببغداد. تنبيه الغبي إلى رؤية النبي: نسخة مخطوطة بمكتبة الفاتيكان بروما. الرد على الرافضة: منسوب له وهو لمحمد بن وهب نسخة مخطوطة في المكتبة القادرية ببغداد. وصايا الشيخ عبد القادر: موجود في مكتبة فيض الله الشيخ مراد تحت رقم 251. بهجة الأسرار: مواعظ للشيخ جمعها الشيخ نور الدين أبو الحسن علي بن يوسف اللخمي الشطنوفي. تفسير القران الكريم: في مكتبة الشيخ رشيد كرامي في طرابلس الشام ويقول الشيخ عفيف الدين الجيلاني أنه مطبوع في تركيا.
الدلائل القادرية.الحديقة المصطفوية: مطبوعة بالفارسية والأردية. الحجة البيضاء. عمدة الصالحين في ترجمة غنية الصالحين.بشائر الخيرات. ورد الشيخ عبد القادر الجيلاني. كيمياء السعادة لمن أراد الحسنى وزيادة. المختصر في علم الدين. مجموعة خطب.
أشهر كتب الشيخ
1. الغُنية لطالبي طريق الحق: وهو من أشهر كتب الشيخ في الأخلاق والآداب الإسلامية وهو جزءان .
2. الفتح الرباني والفيض الرحماني: وهو من كتب الشيخ المشهورة وهو عبارة عن مجالس للشيوخ في الوعظ والإرشاد.
3. فتوح الغيب: وهو عبارة عن مقالات للشيخ في العقائدوالإرشاد ويتألف من 78 مقالة.
4. الفيوضات الربانية: وهكذا الكتاب ليس للشيخ ولكنة يحتوي الكثير من أوراد وأدعية وأحزاب للشيخ.
قال العلماء عنه
· قال الإمام النووي : ما علمنا فيما بلغنا من التفات الناقلين وكرامات الأولياء أكثر مما وصل إلينا من كرامات القطب شيخ بغداد محيي الدين عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه, كان شيخ السادة الشافعية والسادة الحنابلة ببغداد وانتهت إليه رياسة العلم في وقته, وتخرج بصحبته غير واحد من الأكابر وانتهى إليه أكثر أعيان مشايخ العراق وتتلمذ له خلق لا يحصون عدداً من أرباب المقامات الرفيعة, وانعقد علية إجماع المشايخ والعلماء بالتبجيل والإعظام, والرجوع إلى قولة والمصير إلى حكمه, وأُهرع إليه أهل السلوك - التصوف - من كل فج عميق. وكان جميل الصفات شريف الأخلاق كامل الأدب والمروءة كثير التواضع دائم البشر وافر العلم والعقل شديد الاقتفاء لكلام الشرع وأحكامه معظما لأهل العلم مُكرِّماً لأرباب الدين والسنة, مبغضاً لأهل البدع والأهواء محبا لمريدي الحق مع دوام المجاهد ولزوم المراقبة إلى الموت. وكان له كلام عال في علوم المعارف شديد الغضب إذا انتهكت محارم الله سبحانه وتعالى سخي الكف كريم النفس على أجمل طريقة. وبالجملة لم يكن في زمنه مثله (قلائد الجواهر، تأليف: محمد بن يحيى التادفي، ص 137. نقلا عن بستان العرافين، تأليف: النووي)
· قال أبو أسعد عبد الكريم السمعاني: هو إمام الحنابلة وشيخهم في عصره فقيه صالح، كثير الذكر دائم الفكر, وهو شديد الخشية, مجاب الدعوة، أقرب الناس للحق، ولا يرد سائلا ولو بأحد ثوبيه.
· قال الإمام ابن حجر العسقلاني : كان الشيخ عبد القادر متمسكاً بقوانين الشريعة, يدعو إليها وينفر عن مخالفتها ويشغل الناس فيها مع تمسكه بالعبادة والمجاهدة ومزج ذلك بمخالطة الشاغل عنها غالبا كالأزواج والأولاد, ومن كان هذا سبيله كان أكمل من غيره لأنها صفة صاحب الشريعة صلى الله علية وسلم (قلائد الجواهر، ص 23.)
· قال ابن قدامة المقدسي: دخلنا بغداد سنة إحدى وستين وخمسمائة فإذا الشيخ عبد القادر بها وما رأيت بعده مثله ولم أسمع عن أحد يحكي من الكرامات أكثر مما يحكى عنه, ولا رأيت احداً يعظمه الناس من أجل الدين أكثر منه
· (قلائد الجواهر ص6.)
· قال ابن رجب الحنبلي : وانتصر أهل السنة الشريفة بظهوره, (الطبقات، تأليف: ابن رجب الحنبلي.
· قال عنه محيي الدين ابن عربي: وبلغني أن عبد القادر الجيلي كان عدلاً قطب وقته.
من بديع كلامه
· قال: أخرجوا الدنيا من قلوبكم إلى أيديكم فإنها لا تضرُّكم.
· وقال : الاسم الأعظم أن تقول الله وليس في قلبك سواه
· وقال : كونوا بوَّابين على باب قلوبكم ، وأدخلوا ما يأمركم الله بإدخاله، وأخرجوا ما يأمركم الله بإخراجه، ولا تُخلوا الهوى قلوبكم فتهلكوا.
· وقال : لا تظلموا أحداً ولو بسوء ظنِّكم فإنَّ ربَّكم لا يجاوز ظلم ظالم.
· وقال : كلَّما جاهدتَ النفسَ وقتلتها بالطاعات حييت وكلَّما أكرمتها ولم تنهها في مرضاة الله ماتت قال وهذا هو معنى حديث رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
ومن كراماته
وقال عمر البزاز : خرجت مع سيدي الشيخ عبد القادر إلى الجامع يوم الجمعة الخامس عشر من جمادي الاولى سنة 556 هـ فلم يسلم عليه أحد فقلت في نفسي : يا عجباً نحن كل جمعة لا نصل إلى الجامع إلا بمشقة من ازدحام الناس على الشيخ فلم يتم خاطري حتى نظر إلي الشيخ مبتسماً وهرع الناس إلى السلام حتى حالوا بيني وبينه فقلت في نفسي : ذاك الحال خيرٌ من هـذا الحال فألتفت إلي مسابقاً لخاطري وقال يا عمر أنت الذي أردت هـذا
وفاته
أنتقل الشيخ عبد القادر إلى جوار ربه في 8 ربيع الآخر 561 هـ وعمره 91 سنة
கருத்துகள் இல்லை:
கருத்துரையிடுக